مدخل إلى اللسانيات






مدخل إلى اللسانيات
إعداد: د. فاطمة السلامي



 علم اللغة: Linguistique (تعريف)
    وموضوعه، كما حدده دوسوسير، هو دراسة اللغة في ذاتها ولذاتها. أي الدراسة العلمية للغة،.  وهو يدرسها على عدة مستويات، نذكر منها:
- المستوى الصوتي: يهتم بوصف أماكن النطق، ومخارج الأصوات...
- المستوى الصرفي: يهتم بدراسة اشتقاق الكلمات، وتصريفها وتغير أبنية الألفاظ...
- المستوى التركيبي: يدرس نظام الجملة من حيت ترتيب أجزائها  وأثر كل جزء في آخر...
- المستوى الدلالي: ويهتم بدلالة الألفاظ أو المفردات، والحقيقي والمجازي ونشوء الترادف والاشتراك اللفظي...
Iأهم المدارس اللسانية:
1- مدرسة جنيف:
 رائدها هو فردناند دوسوسير(1857-1913)، مؤسس اللسانيات الحديثة وواضع أبجديات اللسانيات البنيوية. تجلت آراء دوسوسير في الكتاب الذي نشره طلبته بعد وفاته سنة (1916م) والذي يحمل عنوان: "دروس في اللسانيات العامة « Cours de linguistique générale »
 موضوع علم اللغة عند دوسوسير
 رأى دوسوسير أن "اللغة"، ويعني بها لغة مجموع الجماعة المتكلمة، لا يمكن دراستها ووصفها في حقل اللسانيات، لأنها لا تتقدم إلينا كواقعة محددة، فهي تشتمل على عدة جوانب بعضها فيزيائي وآخر فيزيولوجي والثالث نفسي...إلخ، وبالتالي فهي تحتاج إلى مناهج الدراسات الطبيعية والنفسية...إلخ. أما "اللسان"، فيمثل الشيء الثابت المشترك الذي يتكرر في سلوك الأفراد (الأصوات، المعجم، القواعد). وممارسة هذا الشيء الثابت وتجسيده في أحداث كلامية هو ما أطلق عليه دوسوسير مصطلح "كلام"، والكلام له طابع فردي لا جماعي، فهو حدث آني يمارسه الفرد بوعي منه وقصد، وهاته الصفات التي يتصف بها الكلام تجعل دراسته عسيرة بل متعذرة، لأنه يختلف من فرد لآخر، ولأنه لا يمكن تحديد ولا حصر مجاله في أفراد المجموعة اللغوية الخاصة.. مما جعل دوسوسير يحصر مجال البحث اللساني في مجال واحد هو اللسان دون اللغة والكلام.
2- مـــــــدرســـــــــة بــــــــراغ:
      تأسست حلقت براغ سنة (1926م)، وكان المهاجرون الروس الثلاثة أبرز أعضائها. وهم تروبتسكوى، جاكبسون وكارسيفسكي. مكن رحيل جاكسون إلى هارفاد بالولايات المتحدة من تشكيل وطن جديد لحلقة براغ، حتى أضحى اسم مدرسة براغ علما على جميع الجهود اللسانية التي تتخذ من مبادئ مدرسة براغ برنامجا لها. ويمكننا أن نلخص المبادئ العامة لمدرسة براغ كالتالي:
   أ) اللغة نظام هدفه إيصال رسالة معينة، -من هنا تسمية هذه المدرسة بالمدرسة الوظيفية- وعمل اللساني يجب أن يجيب على الأسئلة الآتية:
   ما الذي يجري توصيله؟ وكيف؟ وإلى من؟ وفي أية مناسبة؟
ب) اللغة ظاهرة اجتماعية، أي محكومة بالضوابط التي تفرض علينا التمييز بين لغة العلم ولغة الصحيفة ولغة المكتب ولغة الشارع..
ج) اختلاف اللغة المنطوقة عن اللغة المكتوبة.
 د) التركيز في دراسة اللغة على البعد السانكروني.
3- مدرسة كوبنهاكن:
    قامت هذه المدرسة البنيوية على أفكار العالمين هلمسليف Hjelmslev وبروندال Brondal، آمنت بأفكار دوسوسير مما جعل الكثير من الباحثين يطلق على نظرياتهم اسم السوسيرية الجديدة neo saussurianism ، كما عملت على توظيف المنطق الرمزي في تفسير المادة اللغوية. أهم روادها بروندال وهلمسليف.
-      موضوع علم اللغة عند بروندال
    وكما يتضح من خلال كتابه "أجزاء الخطاب" هو البحث عن عدد المقولات اللسانية وتحديدها. وإذا تمكنا من الاستدلال على أن هذه المقولات واحدة في اللغات الطبيعية فإننا نستطيع تخصيص الفكر البشري.
-      موضوع علم اللغة عند هلمسليف
  اهتم هلمسليف بالأصوات كأشكال مجردة وأهمل إهمالا تاما مظهرها المادي المحسوس.
  حاول هلمسليف معالجة اللغة معالجة علمية وبناء نحو منطقي. نقطة الانطلاق بالنسبة لهلمسليف هي أننا لا نتواصل باللغة فقط، فالصم والبكم يتواصلون بالإشارة، وعلامات المرور أيضا تتكلم: الضوء الأخضر يعني أن الطريق خال في حين أن الأحمر يعني: "قف" ..
   جديد هلمسليف هو تمييزه بين التعبير Expression  والمحتوى content، والتمييز بين الشكل Form والمادة  .Substance    
4- البنيوية الأمريكية:
-      فرانز بوواز Boas  
    شكلت أعمال فرانز بوواز Boas  البداية الحقيقية لمدرسة حقيقية في اللسانيات. يرى بوواز أن كل لغة لها منطقها الداخلي الذي يأبى الانقياد لأي مبادئ عامة، وأن المادة اللغوية هي التي تفرض طريقة من طرق التحليل الملائمة لها. ويقصد بذلك الابتعاد عن المقاربة التاريخية التي سادت في الدراسات التقليدية، فاللغات الهندية لم يكن لها تراث مكتوب، ولذلك لم يكن لها تاريخ، ومن تم استبعاد المقاربة التاريخية بمعنى أن الدراسة ينبغي أن تكون سانكرونية.
-      إدوار سابير
    أما رائد البنيوية في أمريكا فهو إدوار سابير Edwar sapir تلميذ بوواز، وهو مؤسس فكرة النماذج اللسانية، إذ يرى أن كل إنسان يحمل في داخله النظم الأساسية التي تحكم لغته، أي أنه يحمل النماذج الممثلة لجميع الوسائل الفعلية التي تزوده بها اللغة لتؤمن له عملية التواصل.
إن أهم ما جاء به سابير هو اعتقاده أن أحد العوامل الحاسمة في تحديد طبيعة الفونيم هو إمكانات تجمع الأصوات في سلسلة الكلام أي حصر جميع المواقع التي يمكن لفونيم بعينه أن يحتلها بالنسبة للفونيمات الأخرى التي هي أعضاء في نظام لغوي واحد.
-      وورف whorf
     طور وورف whorf هذه النتائج التي طرحها سابير، إذ يرى أن هناك ميتافيزيقا أو فلسفة تخص كل ثقافة، وهي تتشكل من قبليات وحدوس يرثها هذا الشعب، وهي التي تربط بين اللغة كمظهر ثقافي وبين المظاهر الأخرى للثقافة، فاللغة هي التي تظهر الثقافة (دين، عادات، أفكار...إلخ).
-      بلومفيلد  leonard bloomfiel
    وهو رمز آخر من رموز اللسانيات الأمريكية: بلومفيلد leonard bloomfiel (1887-1949) متزعم التيار التوزيعي الذي ساد في الولايات المتحدة سنة (1930م)، عادى النزعة الذهنية وآمن بالسلوكية، فالفروق بين البشر محكومة بالبيئة التي يعيشون فيها، فأي سلوك هو رد فعل، أي يحدث كاستجابة لمثير خارجي.
    منهجه كان مؤسسا على معالجة جميع المواقع التي يمكن أن تحتلها الوحدات في نظام لغة بعينها، معالجة مبنية على الملاحظة والوصف، أي على تحديد توزيع الوحدات اللغوية Ditribution of linguistic units.
-      زليك هاريس zelling harris 
   جاء عرض المنهج التوزيعي في كتاب لواحد من أبرز أتباع بلومفيلد هو زليك هاريس zelling harris  الذي يحمل عنوان  »مناهج في اللسانيات البنيوية « والذي شكل مقاله (transformar grammar) الصادر سنة (1952)، الانطلاقة الأولى للمدرسة التوليدية.
5- المدرسة التوليدية:
-      النحو التوليدي:
      النحو التوليدي هو نحو يتكون من رموز نهائية وقواعد نهائية، وانطلاقا من هذه الرموز يولد الجمل وفقط الجمل الجيدة التكوين التي تنتمي إلى اللغة. وعدد هذه الجمل غير محدود، فالنحو ليس لائحة من الجمل إنما نسق من القواعد المحددة التي تسمح بتوليد عدد لا نهائي من الجمل النحوية.
-      القدرة:
      يفترض تشومسكي أن كل إنسان يمتلك نسقا فطريا قابلا للانطباق في نحو أية لغة، وحين يتمكن الفرد من تمثل لغة ما فإنه يستطيع إنتاج مالا نهاية له من جمل تلك اللغة، وهذه الاستطاعة اللامحدودة  هي التي أطلق عليها اسم"القدرة ".
-      الإنجاز:
تتجلى القدرة في الإنجاز إلا أن هذا التجلي ليس كاملا، بسب عوامل خارج لسانية مثل: محدودية الذاكرة والشرود وعدم الانتباه ...إلخ. والقدرة والإنجاز في تفاعل دائم، فالقدرة لا تتحدد في جزء كبير منها إلا داخل الإنجاز، فهو يؤثر في القدرة باستمرار، إذ لا يمكن تفسير التطور الذي يحصل في اللغة إلا من خلال الإنجاز.
-      الإبداعية:
   الإبداعية هي قدرة المتكلم المستمع على استعمال نسق من القواعد النحوية المستبطن لإنتاج وفهم جمل لم يسبق له أننتجها وسمعها من قبل.
-      المتكلم المستمع:
   المتكلم المستمع، في تصور تشومسكي، هو شخص مثالي ينتمي إلى جماعة لسانية متجانسة تمام التجانس ولا يتأثر في إنجازه اللغوي بشروط غير واردة نحويا مثل: محدودية الذاكرة أو السهو أو عدم الانتباه، أو الأخطاء ...إلخ.
-      المقبولية والنحوية:
   اشترط تشومسكي في بداية أعماله أن ما ينبغي التركيز عليه هو النحوية أي أن تكون الجمل سليمة نحويا واستدل على ذلك بالمثال التالي:
أ) colorless green idea slep furiously
         ب)*Furionsly sleep ideas green colorless
فلا أحد ينكر، حسب تشومكي (1957م)، أن (أ) مقبولة في الإنجليزية رغم أن كلا من (أ) و(ب) لا تحمل دلالة.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التـركيــــــــــب